السبت، 2 أبريل 2016

صغيري طفل التوحد






صغيري طفل التوحد...
وبينما العالم ينشغل احتفالاً لأجلك.. اخترت أنا أن أحدثك عن بعض الذي لاتعرفه عني.. 
*أنا ياصغيري فقط من يشاطر أمك مشاعر الحب تجاهك. 
ولا أحد سواي يشاركها في فهم تعابيرك التي قد تبدو غريبة بعض الشيء... وهمساتك التي لايستطيع أحدٌ سوانا ترجمتها. 
*أنا ياصغيري أشبه أمك حينما أقرأ تفاصيل الفرح ،والسعادة،والحزن ،والألم داخل عينيك. 
  ▷ وأشبهها حينما أسارع بتعديل أكمام قميصك ، وربط حبل حذائك ، وترتيب خصلات شعرك، وإزالة بقايا الشوكلا من فمك الصغير لتبدو للعالم كأجمل طفل. 
أشاركك في نفس التفاصيل التي تشاركها أمك معك. 
وأحاول جاهدةً أن أفتح معك أبواب العالم لتراه كما نراه نحن.. 
أمرّ معك بلحظات فرح ويأس تشبه تلك التي عاشتها والدتك...
لازلت أتذكر جيداً تفاصيل ذلك اليوم الذي مددت لي بطاقة التواصل للمرةِ الأولى دون مساعدة من أجل أن تحصل مقابلها على حبة الشوكلاته التي تعشقها. 
لم أستطع النوم يومها ، كنت أفكر كيف سيذهلني تقدمك غداً . 
لقد كنت للمرة الأولى أتمنى لو كان بوسعي الذهاب مساءً إلى العمل لألقاك هناك ونكمل ما بدأناه صباحاً...
وأتذكر جيداً تلك الفرحة التي لمعت في عيناي حينما تركتَ الجميع وتوجهتَ نحوي لتمسك يدي محاولاً طلب المساعدة ، فعلمت حينها بأنك أصبحت تثق بي ، وصرت أجلس كل يوم قريباً منك لكي لا أخذلك ....
ولكنني لا أرغب في تذكر مشاعر اليأس التي تجتاحني حينما أخبرهم بأنك قادر على القيام بأمرٍ ما 
فتتصرف أمامهم وكأنما لم تقم بذلك قط !!
أعلم يقيناً حينها بأن أنفسهم قد حدثتهم أنني كنت أبالغ بالحديث عنك.... 
ولايسعني  إلا أن أواسي نفسي بقول: 
((سيؤمنون بقدراتك يوماً ..كما آمنت أنا بها))
**أريدك أن تعلم ياصغيري أنك لم تكن قدراً وضعه الله في طريقي..  
لقد كان بوسعي أن أكون شيئاً آخر غير معلمتُك..... 
ولكنني اخترت أن أكون هنا لأدخل عالمك الجميل وأقاسم والدتك مشاعرها تجاهك..

يحتفل العالم لأجلك اليوم ياصغيري.. وأحتفل أنا بإنجازاتك الصغيرة كل يوم...
وبعد يوم عملٍ حافل معك... أتجه نحو مكتبي لأحاول إنجاز ما أمكن من تلك المهام التي تهمهم جداً ، ولاتعني لك شيئاً!
فيستيقظ صوتٌ داخلي يؤنبني! 
(كيف لي أن أتركك وحدك؟)
أعود لك وأنا أعلم أن ثمن هذا هو البقاء أما شاشة حاسوبي وبين أوراقي حتى ساعة متأخرة من الليل ........
أحاول شغل وقت فراغك حتى يحين موعد انصرافك فتذهب أنت إلى حضن والدتك ،
وأعود أنا إلى منزلي أتمّ أعمالي التي حملتها معي وأفكر...
كيف سيذهلني تقدمك غداً؟!

بقلمي
دلال الحارثي

رابط النص في صحيفة إنماء

هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *